ضمن فعاليات الدورة الثامنة من المنتدى الدولي للاتصال الحكومي، التي أقيمت يومي الأربعاء والخميس، في مركز إكسبو الشارقة، تحت شعار "تغيير سلوك.. تطوير إنسان"، نظمت مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة، جلسة حوارية حملت عنوان "ريادة الفكر الداعم للمرأة"، سلطت من خلالها المؤسسة الضوء على أهمية تنمية وبناء ثقافة مجتمعية داعمة للمرأة، ومؤمنة بأهمية مشاركتها ودورها في تحقيق التنمية والتقدم.
شارك في الجلسة التي أدارتها الإعلامية منية برناط، كلٌ من سعادة ريم بن كرم، مدير مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة، وسعادة نوف تهلك، مستشارة الأمين العام لمجلس الوزراء، وسعادة صالحة غابش، المدير العام والمستشارة الثقافية في المكتب الثقافي والإعلامي بـالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، ورانيا رزق، المستشار العام ونائب رئيس شركة بيبسي كولا العالمية، في مناطق آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا.
وناقشت الجلسة دور الاتصال الحكومي في دعم جهود المؤسسات المعنية في تمكين المرأة للاستمرار في ريادة أعمالها في مستقبل متغير، وطبيعة الحملات والمبادرات الخاصة التي يجب على الاتصال الحكومي أن ينفذها لضمان تذليل الصعاب أمام لحاق المرأة بركب التغييرات الكبرى المتوقعة في المستقبل، كما بحثت الجلسة في طبيعة الشراكات التي يجب تطويرها في مجال الاتصال الحكومي لخدمة هذه الأهداف.
وفي الكلمة التي استهلت بها الجلسة الحوارية شكرت سعادة ريم بن كرم، القائمين على المنتدى الدولي للاتصال الحكومي، لإتاحة الفرصة لمؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة لتستعرض رؤيتها حول أهمية تأسيس منظومة فكرية رائدة داعمة لتمكين المرأة في كافة المجالات، ومساعيها الداعمة لتغيير الثقافة والسلوك لصالح المزيد من شراكة المرأة في العمل والبناء الاجتماعي والحراك الثقافي، سواء في داخل الدولة أو خارجها.
وأشارت بن كرم أن سياسة مؤسسة نماء تترجم الموقف العلمي والدقيق لقرينة صاحب السمو حاكم الشارقة، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيسة مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة، من قضية تمكين المرأة، لافتةً أن سموها تعتبر الارتقاء بالمرأة قضية مجتمع وثقافة وممارسة، وليست قضية المرأة وحدها، وأن الارتقاء بدورها لا يتحقق إلا نتيجةً للارتقاء بالفكر العام والثقافة السائدة.
وتابعت: "انه في هذا السياق لا بد أن نشير إلى مرسوم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، بتعيين القاضي خديجة خميس خليفة الملص، والقاضي سلامة راشد سالم الكتبي في القضاء الاتحادي، فهذا تأكيد على ثقة القيادة الإماراتية في المرأة وعلى مبادرتها الدائمة للارتقاء بمكانتها وتطوير النظرة الاجتماعية لقدراتها ومواهبها."
ولفتت بن كرم أن تغيير السلوك وتعزيز الممارسات الإيجابية يعد من أهم الركائز التي تنطلق منها المؤسسات التنموية، مبينةً أن نماء وكل المؤسسات التابعة لها تعمل ضمن نطاقين على الساحتين المحلية والدولية، الأول هو مراجعة السياسات واقتراح الممارسات الداعمة للارتقاء بالمرأة، والثاني هو العمل الميداني من خلال تنفيذ البرامج والمبادرات وتعزيز الشراكات بين المعنيين بقضايا المرأة وشراكتها.
وتابعت بن كرم: "على الساحة الخارجية العالمية، تعمل نماء من منطلق أن قضية الارتقاء بالمرأة، قضية عالمية، وأن مساعدة النساء في العالم وفي الدول النامية بشكل خاص، يشكل مدخلاً نحو التنمية والقضاء على الأمية والبطالة والفقر، وهذا المنهج يعبر عن مساهمة المؤسسة في دعم أهداف التنمية المستدامة على مستوى العالم، ومن هنا نؤكد على أهمية وضع المرأة في قلب عملية التنمية العالمية لتكون النتائج أكثر فاعلية وأعمق تأثيراً".
وأشارت مدير مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة إلى أهمية تغيير سلوك ومنهجية المؤسسات وصياغة قوانين تتلاءم وتدعم مساعي دمج المرأة في القطاعات كافة وفي القطاع الخاص على وجه التحديد، لافتةً أن تكييف سياسة المؤسسات والشركات بما يتلاءم مع التوجه الداعم للمرأة، يجعل من هذه المؤسسات محركات للتغير نحو الأفضل، وأكدت أن المرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة تحظى بدعم كبير من القيادة الرشيدة.
وحول المنهجية التي اتبعتها دولة الإمارات للتأكد من وصول المرأة إلى المكانة التي تستحقها قالت سعادة نوف تهلك: "منهجية تمكين المرأة في دولة الإمارات العربية المتحدة استند على المكانة التي تحظى به المرأة المجتمع الإماراتي بوصفها شريكة الرجل والداعم له في قراراته في الحياة، ونجد أن فكر مؤسس دولة الاتحاد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أسهم بشكل كبير في تعزيز هذه المنهجية، فالوالد المؤسس هو من أرسى دعائم تمكين المرأة في الدولة قبل أكثر من أربعة عقود".
وأضافت نوف تهلك: "ريادة المرأة الإماراتية وحضورها الفعال في المجتمع له تاريخ بعيد ولدينا العديد من النماذج في هذا الشأن فهناك تفاحة سالم خميس أول شرطية في دولة الإمارات 1964، والشيخة ناعمة بنت ماجد القاسمي، وأمنة بنت سالم الهاجري، أول معلمات 1965، وغيرها الكثير من الأسماء النسوية اللامعة التي حققت وما زالت تحقق الكثير".
وأشارت نوف تهلك إلى أن تمكين المرأة ظل حاضراً في رؤية الحكومة الإماراتية، وتوقفت عند عدد من القرارات الداعمة لمسيرة المرأة في الحياة العامة أبرزها قرار مجلس الوزراء في العام 2004 بتعيين أول وزيرة إماراتية هي معالي الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي، وقرار مجلس الوزراء 2012 بإلزامية ادخال المرأة في كل مجالس الإدارة بالشركات الخاصة، كما توقفت عند استراتيجية تمكين المرأة 2015-2021 التي أطلقتها سمو الشيخة فاطمة بن مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، لافتةً إلى أن الإمارات حققت أعلى معدلات مشاركة المرأة في مجلس الوزراء حيث شهد آخر تشكيل وزراي تعيين 9 وزيرات من أصل 32 وزير.
وفي سؤال طرحته الجلسة حول أهمية الارتقاء بالفكر الداعم للمرأة في المجتمع الإماراتي، أجابت سعادة صالحة غابش: "الاهتمام الكبير الذي تجده المرأة على الصعيد الحكومي الرسمي يحتاج إلى دعم موازي له داخل الأسرة، فعندما يتكامل ويتعزز الفكر الداعم للمرأة، نكون بذلك قد وفرنا للمرأة البيئة المشجعة والداعمة لها، وإلى جانب الدعم الأسري والمجتمعي يجب أن يكون هناك دور للمؤسسات الأكاديمية في تنشئة جيل يؤمن بالشراكة بين الجنسين كحق طبيعي وضرورة من ضرورات التنمية وغرس قيم العدالة والتعاون".
وحول أهمية حضور المرأة في القطاع الخاص قالت رانيا رزق: " أثبتت التجارب العملية أن المؤسسات والشركات التي تولي اهتماماً كبيراً بقضية التنوع في هياكلها الوظيفية تحقق نتائج أفضل ومكاسب أكبر من التي لا تهتم بالتنوع، ومن هنا تأتي أهمية ادماج المرأة في القطاع الخاص، ففي ادماجها تتحقق الكثير من المكاسب لها ولمجتمعها وللمؤسسات التي تعمل فيها، ومن هنا نناشد كل الشركات والمؤسسات الخاصة بتبني سياسات داعمة للمرأة، والعمل على تكييف قوانينها بما يتناسب مع مساعي تعزيز التنوع في كل المستويات بما فيها القيادية".
وخلصت الجلسة إلى ضرورة تفعيل دور الأسرة في تنشئة جيل يؤمن بالعدالة في توفير الفرص والموارد للجنسين، وتعزيز دور المؤسسات الأكاديمية في نشر وتنمية الثقافة الداعمة لمشاركة المرأة في المجالات كافة، كما خلصت إلى أهمية إدراج مواد علمية متخصصة في المدارس والجامعات تبين أهمية مشاركة المرأة في تحقيق الأهداف الاستراتيجية لكل دولة، وأهداف التنمية المستدامة التي أقرتها هيئة الأمم المتحدة، وأوصت الجلسة بابتكار مؤشرات أو أدوات قياس للوقوف على مدى تقدم مساعي تغيير النظرة التقليدية تجاه المرأة، وتفعيل دور القطاع الخاص للتواصل مع المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تقودها المرأة والتعاون معها.