ضمن فعاليات المؤتمر العالمي 2025 نحن الاحتواء
ناقش خبراء ومناصرون وأولياء أمور، خلال جلستين في اليوم الثاني من المؤتمر العالمي 2025 "نحن الاحتواء"، مستقبل التعليم الدامج للأشخاص ذوي الإعاقة، مؤكدين أنه حق أساسي ينبغي حمايته في جميع الظروف، بما في ذلك حالات الطوارئ، وأكّد المشاركون أهمية سد الفجوة بين السياسات والتطبيق الفعلي داخل المدارس، وتوفير بيئات تعليمية آمنة وداعمة تضمن الاستقلالية والاندماج الكامل للطلبة وأسرهم.
وشارك في الجلسة التي حملت عنوان "ربط السياسة بالممارسة من أجل التعليم الدامج" وأدارتها ديان ريتشلر، مناصرة للتعليم الشامل في منظمة الاحتواء الشامل الدولية، وكلّ من فاطمة العبدولي من وزارة التربية والتعليم في دولة الإمارات، وجودي كار مناصر ذاتي ووزير تعليم سابق من كندا، ودعاء دريدي من مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، وباولا جيلونشي من الأرجنتين، بصفتها مستشارة حكومية وأم لطفل من ذوي اضطراب طيف التوحد، وشيري براينارد من جنوب إفريقيا، ودومينيك كانتر من الأرجنتين، وأمل حمزة من الشارقة.
التطبيق الفعلي للتعليم الدامج
وفي مستهل الجلسة أوضحت دعاء دريدي أن معظم دول العالم باتت ملتزمة من حيث السياسات الداعمة للتعليم الدامج، إلا أن التحدي الأكبر يكمن في التطبيق الفعلي داخل المدارس، وهو ما أشار إليه تقرير الأمم المتحدة لعام 2020 الذي أكّد وجود فجوة واضحة بين النصوص والتنفيذ. وأضافت أن المعلمين يدركون معايير الدمج بشكل عام لكنهم يفتقرون إلى المعرفة التفصيلية التي تحولها إلى ممارسة يومية، الأمر الذي يستدعي تدريب الكوادر التعليمية بشكل أوسع. كما أشارت إلى أن التمويل والتقنيات المساندة يمثلان عنصراً أساسياً لمساندة الطلبة من الأشخاص ذوي الإعاقة على الاستقلالية.
وتخللت الجلسة شهادات ملهمة من أصحاب تجارب واقعية. فقد روت شيري براينارد من جنوب إفريقيا رحلتها كأول طالبة من الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية في مدرستها العامة، وكيف تجاوزت العقبات لتصبح اليوم مساعدة مدرسة مؤهلة، مؤكدة أن التعليم الشامل يغيّر الحياة عندما يقوم على احترام التنوع والقدرات. كما تحدثت المناصرة الذاتية دومينيك كانتر من الأرجنتين عن أهمية الدعم الأسري، معتبرة أن التعليم الشامل حق أساسي، فيما شاركت الدكتورة أمل حمزة وابنتها المناصرة الذاتية آية من الشارقة تجربتهما مع تحديات الدمج، بدءاً من صعوبات القبول وحتى الأعباء المادية، داعية إلى إدراج معايير الدمج ضمن تقييم المدارس السنوي وإشراك أولياء الأمور في عملية التقييم.
تجربة دولة الإمارات في التعليم الدامج
بدورها أكدت فاطمة العبدولي، من وزارة التربية والتعليم، أن الدولة أولت اهتماماً كبيراً بالتعليم الدامج منذ أكثر من عشرين عاماً، من خلال وضع بنود خاصة بتعليم الأشخاص ذوي الإعاقة وتطوير ممارسات وبرامج لدمجهم في المدارس الحكومية. وأوضحت أن هذه الجهود تطورت بشكل متدرج وصولاً إلى اعتماد سياسة التعليم الدامج عام 2020، التي أرست إطاراً تشريعياً وإجراءات عمل واضحة.
وأشارت العبدولي إلى أن الرقابة المدرسية تعد إحدى الركائز الأساسية، إذ يتم تقييم المدارس بشكل مستمر، وتشمل معايير التقييم اشتراطات خاصة بدمج الطلبة من الأشخاص ذوي الإعاقة. كما لفتت إلى أن التدريب يمثل جانباً محورياً في هذا المسار، حيث بدأت الوزارة بتدريب المدارس على مبادئ الدمج، وباتت أغلب المدارس اليوم تراعي هذه المبادئ وتوفر للطلبة إمكانية الوصول إلى مرافقها بسهولة. وأضافت أن التدريب يشمل المعلمين والعاملين كافة، وليس فقط الاختصاصيين.
واختتمت العبدولي مداخلتها بالتأكيد على أن الوزارة ما زالت تواصل دراسة الفجوات القائمة في الميدان التعليمي، وتعمل بشكل منهجي على معالجتها، بهدف ترسيخ تجربة تعليم دامج متطورة تعكس التزام الدولة بتمكين جميع الطلبة دون استثناء.
رؤى وخبرات دولية
كما شاركت باولا جيلونشي من الأرجنتين تجربتها كأم لطفل من ذوي التوحد وكصانعة سياسات، موضحة أن التحديات ما زالت قائمة حيث يحصل أقل من 10% من الأطفال ذوي الإعاقة على الدعم اللازم في مدينتها، مشيرة إلى أهمية التدريب الإلزامي لجميع أصحاب المصلحة.
وأكّد جودي كار، مناصر ذاتي ووزير التعليم الكندي السابق، أن التعليم الدامج ليس عملاً خيرياً بل حق إنساني ووسيلة فعّالة اقتصادياً واجتماعياً، إذ يفتح أمام الأطفال فرصاً أوسع للانخراط في المجتمع والشعور بالانتماء.
التعليم الدامج في حالات الطوارئ
أما الجلسة الثانية التي حملت عنوان "وضع الأشخاص ذوي الإعاقة في مركز التعليم الدامج أثناء حالات الطوارئ" وأدارها خوسيه ماريا فييرا، المدير التنفيذي للتحالف الدولي للإعاقة، فاستضافت عدداً من الخبراء والمناصرين الذاتيين وهم سيدّو نوحو عمرُو، وحليمتو دابوغي، ومونيكا كورتِس، وساندرا بنيتيز، وفاديا وميا من لبنان، وايسوفو من بوركينا فاسو.
واتفق المشاركون على ضرورة وضع التعليم الدامج الموجّه للأشخاص ذوي الإعاقة في صلب الاستجابة لكل مراحل الطوارئ. وأشاروا إلى تقييم مؤسسات التعليم وفق معايير الدمج، وبناء القدرات على المناصرة، وتطرّقوا للعديد من المشاريع في النيجر وكولومبيا وغيرها، والتي ستنتج أدوات مفتوحة ومتاحة عالمياً للأُسر والوكالات الإنسانية لدعم التعليم الدامج.
ورأى المتحدثون أن حزمة الاستجابة التعليمية في الأزمات يجب أن تشمل مساحات تعلّم آمنة، ومواد تعليمية مخصّصة، ودعماً نفسياً اجتماعياً، وتدريباً للمعلمين، وفقاً لمبادئ واضحة تتمثل في عدم إقصاء أي طفل، والتعلّم في فضاءات مشتركة، واعتبار التنوع قيمة، واستمرارية الدمج حتى أثناء الأزمات.
ويستمر المؤتمر الذي يعقد للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حتى 17 سبتمبر بمشاركة أكثر من 500 مشارك من 74 دولة، بينهم 152 متحدثاً يمثلون 160 مؤسسة، ضمن 59 جلسة، ليشكل منصة عالمية لمناقشة أفضل الممارسات وتعزيز حقوق ودمج الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية. وينظّم المؤتمر مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية بالتعاون مع منظمة الاحتواء الشامل الدولية، وبشراكة استراتيجية مع المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة.