استعرض الخبير التربوي الكندي بروس أوديتسكي، رئيس فرع منظمة الاحتواء الشامل الدولية في مقاطعة ألبرتا، تجربة رائدة تمتد لنحو 38 عاماً في دمج الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية في التعليم ما بعد الثانوي، وذلك خلال جلسة بعنوان «الدمج في التعليم ما بعد الثانوي» ضمن فعاليات المؤتمر العالمي 2025 «نحن الاحتواء»، الذي تستضيفه الشارقة لأول مرة في العالم العربي، بتنظيم من مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، بالتعاون مع منظمة الاحتواء الشامل الدولية، وبشراكة استراتيجية مع المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة.
مسار شامل لحياة متكاملة
أكد أوديتسكي أن مفهوم «الحياة الشاملة» لا يتحقق إلا بتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الاندماج في مسارات الحياة الطبيعية منذ الطفولة وحتى المراحل المهنية والاجتماعية، بدءاً من النشأة في المنزل، والالتحاق بالمدارس العادية، وتكوين الصداقات، وتطوير الهوية المهنية، وصولاً إلى المشاركة المجتمعية الكاملة، وامتلاك الأحلام، والهوايات، والعمل، والاستقلالية في السكن والحياة.
واستعرض أوديتسكي عدداً من التجارب من جامعة ألبرتا ومؤسسات تعليمية أخرى، مبيناً أن نموذج الدمج أسهم في تعزيز مشاركة الطلاب ذوي الإعاقة داخل القاعات الدراسية، عبر دعم زملائهم وأعضاء هيئة التدريس، إلى جانب تهيئتهم لسوق العمل.
نتائج مؤثرة
وكشف أن نتائج التجربة بعد 38 عاماً أظهرت أن 80% من الخريجين ذوي الإعاقة الذهنية تمكنوا من الحصول على وظائف، فيما تجاوز عدد المستفيدين المباشرين 1200 طالب وطالبة، لافتاً إلى أن هذا الإنجاز انعكس على تعزيز الثقة بالنفس والمهارات والمعرفة، وتوسيع شبكة العلاقات والصداقات، ما أسهم في بناء حياة أكثر استقلالية وثراء.
وأوضح أن رؤية «الحياة الشاملة» لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة تستند إلى الأسس النظرية التي وضعها الباحث وولف وولينسبرغر منذ سبعينيات القرن الماضي، والتي أكدت أن دمج الأشخاص ذوي الإعاقات النمائية في البيئات التعليمية والمجتمعية يعزز تقدير الذات، ويمنحهم فرصاً متكافئة للمساهمة في المجتمع.
وأشار أوديتسكي إلى أن قلق العائلات في منتصف الثمانينيات من محدودية فرص أبنائهم بعد المرحلة الثانوية، شكّل الدافع لإطلاق أول مبادرة جامعية شاملة في عام 1987، لتصبح ألبرتا أول مقاطعة في العالم توفر برامج جامعية متكاملة للأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية، لافتاً إلى أن المبادرة تضم اليوم 22 مؤسسة من أصل 26 مؤسسة تعليمية ما بعد الثانوية في المقاطعة طلباً من هذه الفئة، فيما تتعاون 14 مؤسسة بشكل مباشر مع «برنامج الدمج في ألبرتا»، الذي أصبح نموذجاً يُحتذى به في مقاطعات كندية أخرى وعدد من الدول.