بتلك الكلمات بدأ المصور اليوناني العالمي بيتروس جياناكوريس، جلسته الحوارية التفاعلية التي أقيمت في إكسبو الشارقة ضمن فعاليات النسخة الرابعة من المهرجان الدولي للتصوير إكسبوجر.

 

لخص جياناكوريس حديثه عن نفسه بكلمات بسيطة، قال فيها: "أحببت التصوير وعوالمه، وتنوعت الموضوعات التي أتناولها ما بين الألعاب الأوليمبية، والمهرجانات الفنية، ويأتي في مقدمتها مهرجان (كان)، والجمال والموضة والمشاهير، ولكنني تركت كل هذا العالم، واخترت أن أقوم بمعايشة الأحداث في المناطق الساخنة من العالم".

 

"من العراق كانت البداية، عندما سافرت لتغطية حرب الولايات المتحدة هناك ، وقضيت ليالي طويلة مع الجنود الأمريكان، ووثقّت مجموعة من الهجمات التي تعرضوا لها، وعلى الجانب الآخر قضيت أوقاتاً كثيرة مع العراقيين، ورصدت معاناتهم تحت القصف الأمريكي، وعمليات تشريدهم الممنهجة التي حولت نساءهم وأطفالهم إلى مشردين في الخيام".

 

توقف المصور جياناكوريس ليعرض مجموعة من اللقطات الحية ليس في العراق فحسب، بل لكل الدول التي سافر إليها، وكانت على حد وصفه، في خضم الأزمة، وتحديداً لقضية اللاجئين، التي استطاع أن يوثق من خلالها للوجه الآخر من البحر الذي ابتلعت مياهه الآف الجثث البريئة، ليلاقي ترحاباً وإعجاباً لافتاً من الحضور.

 

وينطلق جياناكوريس  للحديث عن أزمة وطنه اليونان التي وصفها بأنها مصدر ألمه ولكنها أيضاً كانت سبباً في إلهامه وإبداعه، بقوله: "مرت بلادي بأزمة اقتصادية في عام 2009 وكانت على وشك الإفلاس، إذ اضطرت الحكومة لاقتراض ما يقرب من 300 مليار يورو من صندوق النقد الدولي، وكان السيناريو أن تتخلص اليونان من عبء عضويتها في الاتحاد الأوروبي، ووقع مجتمعنا في براثن الانهيار، أُغلقت العديد من المؤسسات والشركات الضخمة أبوابها، وانعكس ذلك على كل المجالات التي قلصت من ميزانياتها مثل التعليم والصحة والمتقاعدين".

 

وتابع: "كان الأمر بمثابة زلزال أو موجات من التسونامي ضربت اليونان، واندلع بركان لا يوصف من العنف، لأنطلق إلى الشوارع والميادين الرئيسية والأزقة الضيقة في كل أنحاء أثينا، من أجل توثيق تلك اللحظات الفارقة في حياتنا".

 

صمت المصور اليوناني وكأنه يستعيد أزمة بلده أمام عينيه ليعود للحديث، وقال: "تعرضت للعديد من المضايقات، بل وصل الأمر إلى الأذى الجسدي عندما ضُربت بهراوات الأمن، والقنابل المسيلة للدموع، وحتى حجارة المتظاهرين نالت من جسدي، ولكن لم أهتز ولم أعدل عن قراري بالاستمرار في تسجيل كل أحداث العنف، ولا يمكن لي أن أنسى أن الشرطة اليونانية قد أطلقت في يوم واحد 3000 قنبلة مسيلة للدموع في واقعة لم تحدث من قبل، وركزت في لقطاتي على دخان القنابل الذي كان رابطاَ مهماَ في كل صور أعمالي لتلك المرحلة".

 

أعرب المصور اليوناني في ختام جلسته الحوارية "في خضم الأزمة" عن حزنه الشديد لأنه تعلم التعايش مع العنف بقوله: "هذا أمر مؤسف للغاية، ولكن لا مفر كان علي أن أتقبل الأمر الواقع الذي يكون مؤلماً في كثير من الأحيان، ولكن  في خضم الأزمة لا زلت أشعر بالتفاؤل، ولازلت أعيش على الأمل في حياة آمنة لكل البشر على كوكب الأرض".