وأكد المتحدثون أن التغيير المستدام يبدأ من الأسرة، وأن الدمج حق لا يتوقف حتى في الأزمات، ويتسع أثره بالعمل الجماعي والمسؤولية المشتركة بين الأسر والمدارس وجهات العمل والقطاع الصحي والمؤسسات العامة.

وفي جلسة بعنوان "دور الأسر والمجتمعات في خلق فرص التوظيف الشامل" تناول المشاركون آليات فتح مسارات عمل حقيقية للأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية، استناداً إلى خبرات من كندا وأستراليا، حيث شارك في الجلسة كل من بروس أودتسكي، الرئيس التنفيذي الفخري لمنظمة "إنكلوجن ألبرتا"، وباتريشيا ويلسون، مديرة شراكات التوظيف المجتمعي في منظّمة "بلونغنغ ماترز أستراليا".

فجوة كبيرة في سوق العمل

وناقش بروس أودتسكي، واقع التوظيف للأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية، حيث عرض أرقاماً تشير إلى أن نسبة كبيرة منهم في كندا عاطلون عن العمل، ما يجعلهم عرضة للعزلة والوحدة. وأوضح أن بعض المؤسسات تكتفي بتقديم فرص محدودة أو أعمال تطوعية من دون أجر، مؤكداً أن الحل يبدأ مبكراً عبر الدمج المدرسي، وبناء الثقة والمهارات، وتطوير سياسات واستراتيجيات أكثر فاعلية.


من جانبها، استعرضت باتريشيا ويلسون، تجربة منظمتها التي انطلقت عام 2020، موضحة أن توظيف شبكة الأندية التابعة لها وفّر فرصاً عملية للأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية. وأشارت إلى أن الدمج ينجح عندما يستند إلى منطق اقتصادي يضيف قيمة للأعمال والمجتمع، لا إلى مقاربة خيرية أو عاطفية، معتبرة أن العمل يمنح الأشخاص ذوي الإعاقة هوية وشعوراً بالتقدير وإمكانية للتطور المستمر.

الدعم الأسري والإرشاد المجتمعي

وفي جلسة أخرى بعنوان "دعم الأسر: سؤال معلّق"، ناقش الخبراء احتياجات العائلات في مختلف الظروف، مع استعراض تجارب من المكسيك وإسبانيا، حيث قالت باميلا، مناصرة ذاتية من المكسيك: "دعمني والداي وشقيقتي لأتعلم مهارات الحياة والاستقلالية، وكانوا يعاملونني كأني أهم شخص في العالم، بفضل ذلك حصلت على عمل وأواصل التطور بثقة"، فيما أضاف لويس، مناصر ذاتي آخر، أن أسرته كانت بمثابة فريق داعم علمه مهارات الاستقلالية، معبّراً بفخر عن عيشه اليوم بمفرده بفضل ثقة عائلته.


ومن إسبانيا، تحدثت كارمن وماريا، المناصرتان الذاتيتان والمؤسستان لمنظمة "بلينا انكلوجن" لدعم العائلات، مؤكدتين أن الأسرة هي المحور الأساس في حياة الأبناء، وأن الدعم المادي والمعنوي ضروري، حيث تصل كلفة دعم أسر الأشخاص ذوي الإعاقة في إسبانيا إلى نحو 35 ألف يورو سنوياً. فيما شاركت ليز من المكسيك تجربتها في دعم شقيقتها، قائلة: "انخرطت أسرتي كلها في مساعدة شقيقتي، حتى أطفالي أصبحوا داعمين لها. لقد علمتني معنى الصبر وأدركت أهمية المحيط في دعم الدمج".


الأسرة جبهة استراتيجية للمناصرة الذاتية

وفي جلسة ثالثة بعنوان "الأسرة جبهة استراتيجية للمناصرة الذاتية بالأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية"، أكد الدكتور طلعت منصور، أستاذ الصحة النفسية والإرشاد النفسي بجامعة عين شمس، أن الأسرة تمثل البداية الحقيقية لبناء منظومة المناصرة الذاتية. وأوضح أن دورها يتجاوز الرعاية التقليدية ليصبح ركيزة مجتمعية، لافتاً إلى ما سماه "شرف المعاناة" الذي يتحول بالصبر إلى قوة دفع للنمو والتقدم.


وأشار إلى أن المناصرة الذاتية للأشخاص ذوي الإعاقة تقوم على الوعي بالحقوق وتطوير المهارات وتوفير بيئات داعمة، مؤكداً أن مشاركتهم في التنمية يجب أن تكون حقيقية وفاعلة لا شكلية. كما دعا إلى توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في منظومة الدمج، للانتقال من الدمج الإلكتروني إلى دمج أكثر شمولية وذكاءً.


واختُتمت الجلسة بعرض تقديمي للمناصر الذاتي علي طاهر شايع، حول دور دعم الأسرة في مواجهة التنمّر، تناول فيها أثر التنمّر وأسبابه وكيفية مواجهته لجعل العالم أكثر أماناً واحتراماً للجميع. وأشار إلى أن دور الأسرة في هذا الإطار يتمثل في توعية الأشخاص ذوي الإعاقة بكيفية مواجهة تلك المواقف وعدم الاكتفاء بالصمت أو التجاهل أمام هذه الحالة.