واستهل الحفل بالسلام الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، شاهد سموه والحضور بعدها مادة فلمية تناولت نشأت مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار وجهوده في توليد واحتضان الأفكار واستغلالها والعمل عليها لتطبيقها على أرض الواقع، وعكس الأفكار لخدمة المجتمع بطريقة مبتكرة.

وألقى بعدها حسين المحمودي المدير التنفيذي لمجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار كلمة رحب في مستهلها بصاحب السمو حاكم الشارقة والحضور، مؤكداً بأن هذا الحدث لا يمثل مجرد لقاء علمي أو منصة للحوار، بل هو إعلان صريح عن التزام إمارة الشارقة الدائم بخدمة الإنسان وصحته ورفاهيته، وترسيخ مكانتها مركزاً عالمياً للعلم والابتكار والمعرفة.

وأشار المحمودي إلى أن تأسيس المجمع جاء لتكون الشارقة حاضنة للعلم، ومنارة للبحث، وجسراً يصل بين المعرفة والتطبيق، كاشفاً بأن اليوم أصبح المجمع موطناً لأكثر من 10 آلاف شركة ابتكارية، توجه بوصلتها نحو العديد من المجالات منها الابتكار في مجال الرعاية الصحية، مضيفاً // لقد آمنت الشارقة منذ فجر نهضتها أن الحضارة لا بالبنيان المادي فقط، بل بسموّ الإنسان وازدهار فكره وصحته //.

وتحدث المدير التنفيذي لمجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار عن الشراكات الاستراتيجية في منظومة الرعاية الصحية، ذاكراً أبرز الشراكات مع هيئة الشارقة الصحية، التي أرست جسوراً بين البحث العلمي والتطبيق السريري، ومؤسسة الإمارات للخدمات الصحية لوضع أطر عمل مشتركة لتعميم الحلول المبتكرة على مستوى منظومة الرعاية الصحية في الدولة، إضافة إلى التعاون مع مجموعة بيئة والعمل على التلاحم بين الاستدامة البيئية والصحة العامة، لتغدو بيئتنا النظيفة ركيزة لصحة مستدامة، أما على الصعيد الخارجي فتناول شراكات المجمع مع العديد من الشركات العالمية التي تضفي بعداً علمياً وتقنياً رفيعاً إلى بيئة الابتكار في المجمع وتعمل على تسريع مسيرة تطوير التشخيصات والعلاجات الحديثة.

وأعلن المحمودي عن توقيع المجمع اتفاقية تعاون مع مجموعة "أستر للرعاية الصحية"، أحد أبرز المؤسسات الطبية في المنطقة، والتي ستفتح آفاقاً جديدة أمام الباحثين والمبتكرين، وستوفر جسوراً حقيقية بين المختبر والمريض، وبين الفكرة والتطبيق، كما سيتم توقيع عدد من مذكرات التفاهم التي ستتيح للمختصين في الشارقة الوصول المجاني إلى الجزيئات ما قبل السريرية لإجراء الاختبارات، بالإضافة إلى فرص التقدّم للحصول على تمويل ومنح بحثية من خلال المنصة.

وأكد المدير التنفيذي لمجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار أنه من خلال هذا الحدث سيعملون على رسم مستقبل الابتكار الصحي في الشارقة من خلال العمل المشترك لابتكار منظوماتٍ ذكية تُعيد تعريف الرعاية الصحية في المنطقة والعالم، وذلك بمشاركة نخبة من العلماء والأطباء وروّاد التكنولوجيا والمستثمرين.

واختتم المحمودي كلمته داعياً جميع الباحثين والأطباء والمستثمرين وروّاد الأعمال إلى أن يكونوا شركاء في مسيرة بناء مستقبل تكون فيه الشارقة منارة عالمية للابتكار الطبي والتميز العلمي، والمساهمة في تعزيز صحة الإنسان، وبناء غد أكثر إشراقاً للأجيال القادمة.

وقدمت الدكتورة أسماء فكري مدير إدارة الشراكات الحكومية والمؤسسية في مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار عرضاً مرئياً تحدثت خلاله عن الابتكار في المنظومة الصحية وتأثيره المستقبلي في نظم الحياة والتشخيص، معبرة عن فخرها بجامعتي الشارقة والأميركية في الشارقة والتي نُشر لها أكثر من 2000 منشور في مجال الرعاية الصحية، مؤكدة أن هذه الجهود تعكس التنافسية الكبيرة لإمارة الشارقة للوصول إلى الريادة العالمية في مختلف المجالات.

وشهد صاحب السمو حاكم الشارقة جلسة حوارية تحدث فيها الدكتور مجدي يعقوب جراح القلب والصدر العالمي ومدير معهد مجدي يعقوب لأبحاث القلب في المملكة المتحدة، والدكتور حميد عبيد الشامسي الرئيس التنفيذي لمعهد برجيل للأورام، والدكتور فلاديمير إيفكوفيتش مدير مستشفى ماساتشوستس العام كلية الطب بجامعة هارفارد.

وأشار الدكتور مجدي يعقوب إلى وجود عوامل مشتركة بين الأمراض القلبية والأورام، مؤكداً سعيهم الحثيث في إيجاد حلول من خلال تطوير الوسائل الطبية المبتكرة مما يسهم في التخفيف من المعاناة البشرية وحالات الوفاة حول العالم، كاشفاً بأن 80٪ من الأثر المترتب من هذه الأمراض يقع عبئاً على الدول النامية ما يؤخر وصول الرعاية الصحية للمحتاجين حول العالم.

وتناول يعقوب الإنجازات الأخيرة التي تم تحقيقها في مجال زراعة القلب، مشيراً إلى أنها كانت أفكاراً خيالية قبل 100 عام، بينما أصبحت أحد الحلول في يومنا هذا وما زالت تتطور بتطور التقنيات والأجهزة، متحدثاً عن أبرز قصص النجاح التي حققتها عمليات زراعة القلب والصمامات والأنسجة ومساهماتها في الحفاظ على صحة الناس وبقائهم على قيد الحياة لفترة أطول.

وتحدث الدكتور حميد الشامسي عن تنامي الطب في المنطقة والعالم، متناولاً التحديات التي تواجههم في القطاع الصحي، وجهودهم في توعية المجتمع من خلال النشرات التوعوية والمواد الإعلامية في منصات التواصل الاجتماعي، إضافة إلى التجارب السريرية التي تظهر ريادة الدولة في المجال الصحي وتحقيق العديد من الإنجازات التي تحققت نظير الاهتمام بتطوير الأبحاث واكتشاف العلاجات لمختلف الأمراض.

وتطرق الشامسي إلى الإنجازات في مجال علم الأورام وتطور طرق العلاج عن السابق، موضحاً بأن العلاج حالياً يكون بداية بتشخيص الحالات وتحديد نوع الورم السرطاني ومن ثم وضع البرنامج العلاجي المناسب، مشدداً على أهمية إجراء الفحوصات المبكرة للكشف عن السرطان واتباع البرامج الوقائية، خصوصاً مع تطور التقنيات الحديثة ودخول الابتكار والذكاء الاصطناعي في هذا المجال ما يساهم في رفع نسبة التشافي.

من جانبه، أشاد الدكتور فلاديمير إيفكوفيتش بالابتكارات التي طرأت في مجال طب الفضاء وتطوره باختلاف البيئات المتنوعة والظروف الصعبة، مشيراً إلى أن محطة الفضاء الدولية تراقب صحة رواد الفضاء للحصول على نتائج حول تأثير الفضاء على صحة الإنسان.

وكشف إيفكوفيتش عن بعض التطبيقات الذكية التي تستخدم لمراقبة الدماغ وحركة الرأس وحمايته من الصدمات الدماغية، بجانب مراقبة حركة الدم في الجسم والوظائف العصبية والعقلية حفاظاً على سلامة رواد الفضاء وإيجاد أفضل الطرق للتكيف مع البيئة الصعبة في الفضاء.

كما حضر صاحب السمو حاكم الشارقة الجلسة الحوارية الثانية والتي تحدث فيها خالد الحريمل الرئيس التنفيذي لمجموعة "بيئة"، والدكتور عبدالعزيز سعيد المهيري رئيس هيئة الشارقة الصحية.

وكشف خالد الحريمل عن أسباب دخول مجموعة بيئة في قطاع الرعاية الصحية، مشيراً إلى أن المجموعة ومنذ انطلاقها قبل 17 عام كان هدفها العمل على توفير جودة الحياة باستخدام التقنيات الحديثة والصديقة للبيئة، مؤكداً وجود المجموعة حالياً بين كبرى المؤسسات في المنطقة من حيث تدوير النفايات، إضافة إلى تصدير هذه القدرات لدول مختلفة.

وتطرق الحريمل إلى الشراكات المختلفة التي تبرمها المجموعة، ففي القطاع الصحي قامت "بيئة" بتوقيع اتفاقيات مع وزارة الصحية وتأسيس مشروع "وقاية" لمعالجة النفايات الطبية، والعمل جار على مشروع حي جواهر بوسطن الصحي الذي سيكون علامة فارقة في مجال الرعاية الصحية واستقطاب الكفاءات الصحية لإمارة الشارقة.

وتحدث الدكتور عبدالعزيز سعيد المهيري عن جهود المؤسسات الصحية في الدولة سواء على المستوى الاتحادي أو المحلي وتعاونها الدائم لتعزيز السياسات الصحية وتوفير نظام صحي قوي يعمل على خدمة المرضى في الدولة، متطرقاً إلى اعتماد مدينة الشارقة كمدينة صحية من قبل منظمة الصحة العالمية واتباعها للشروط والمعايير الصحية الدولية.

وأشار المهيري إلى ضرورة العمل على تمكين القطاع الخاص من خلال وضع التشريعات التي تدعم قطاع الرعاية الصحية لتقديم أفضل الخدمات ويستفيد منها الجميع، مؤكداً وجود برامج تدريبية تعزز من مهارات الكوادر الطبية في الإمارة من خلال إرسال المتدربين إلى كبرى المنشآت الصحية في العالم واكتساب المعرف والعودة للعمل في إمارة الشارقة.

وتفضل صاحب السمو حاكم الشارقة بتكريم الضيوف والشركاء والداعمين، متمنياً سموه لهم التوفيق والنجاح في تطوير العمل في القطاع الصحي وتعزيزه بما يعود بالنفع على المرضى حول العالم.

وعلى هامش المنتدى، اطلع صاحب السمو حاكم الشارقة على مخطط حي جواهر بوسطن الطبي وما سيضمه من مستشفى ومراكز ومعاهد ومختبرات ستوفر الرعاية الصحية بأفضل الأساليب والمعايير التي تركز بشكل رئيس على رعاية المريض وتوفير كافة احتياجاته مما ينعكس على مستوى الأساليب العلاجية.

واستمع سموه إلى شرح حول المشروع ومساهمته في مجال الدراسات والأبحاث الطبية بشكل عام ولأمراض السرطان بشكل خاص من خلال الاستفادة من الخبرات العالمية المتخصصة في علاج أمراض السرطان والمعاهد العلمية والبحثية الأخرى في إمارة الشارقة وغيرها.

وتفضل صاحب السمو حاكم الشارقة بالتوقيع على نسخة من مجلة "نيتشر" العالمية التي أصدرت نسخة حصرية لتسليط الضوء على التقرير البحثي الأول بعنوان "الشارقة نكست: الرعاية الصحية"، والذي يقدم رؤية تحليلية دقيقة لموقع الشارقة الحالي وآفاقها المستقبلية في مجال البحث الصحي.

وقد أظهرت نتائج التقرير تطوراً لافتاً ونمو البحوث في مجال علوم الأعصاب بنسبة 25% سنوياً خلال السنوات الأربع الماضية، وما يقارب 20% من أبحاث الشارقة في مجالي الأعصاب والقلب، وحققت أكثر من 10% من الأبحاث الأكثر استشهاداً عالمياً.

وسيتناول برنامج المنتدى خلال اليومين القادمين موضوعات نوعية، من الذكاء الاصطناعي في التشخيص العصبي، إلى الطب الدقيق في علاج أمراض القلب، إلى الجينات والعلاجات الرقمية، بما يعكس التكامل بين العلم والابتكار والإنسان.

وتأتي نسخة "الشارقة محطة المستقبل: الرعاية الصحية" كمنصة رفيعة المستوى لمناقشة أحدث الابتكارات والتقنيات في القطاع الطبي، بمشاركة واسعة من الأكاديميين والشركات الناشئة والمؤسسات الصناعية، حيث تتناول الجلسات البحث والتطوير في مجالات الأحياء البشرية والتقنيات الحيوية المتقدمة والذكاء الاصطناعي في التشخيص الصحي والتحول الرقمي في الطب، إلى جانب مناقشة الجوانب الأخلاقية المرافقة للتطورات الطبية الحديثة.

حضر الحفل بجانب سموهما كل من: الشيخ الدكتور سالم بن عبدالرحمن القاسمي رئيس مكتب سمو الحاكم، والشيخ خالد بن عصام القاسمي رئيس دائرة الطيران المدني، والشيخ محمد بن حميد القاسمي رئيس دائرة الإحصاء والتنمية المجتمعية، وعدد من كبار المسؤولين وممثلي القطاع الصحي والمشاركين في المنتدى.