واستهل حفل الافتتاح بالسلام الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، ألقت بعدها سمو الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير "شروق" كلمة، أكدت خلالها على رسالة المنتدى، قائلة // إن رؤية الشارقة تجاه الاستثمار لا تستند إلى النمو من أجل النمو بذاته، بل إلى النمو الذي يسهم في تمكين المجتمع، ويعزز المؤسسات، ويضمن استدامة أجيال المستقبل، وهذا ما نجح المنتدى في تجسيده على أرض الواقع على مدار عشر سنوات //.


وأضافت سموها // إن التاريخ يثبت أن الحكومات التي تستثمر في شعوبها ومؤسساتها وبنيتها التحتية، تنجح في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وفي الشارقة، تبنينا هذا التوجه، وبدلاً من الاعتماد على الحوافز، حرصنا على بناء منظومة اقتصادية قوية، وعزّزنا المؤسسات، وطورنا البنية التحتية، ونجحنا في ضمان الوضوح والمرونة التنظيمية //.


وأشارت سمو رئيسة هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير "شروق" إلى أن نموذج الشارقة هو جزء لا يتجزأ من الرؤية الوطنية لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي تقدم نموذجاً تنموياً واقتصادياً رائداً، يستند إلى وضوح القوانين، وثراء الثقافة، والبنية التحتية الآمنة والمتطورة، إلى جانب الرؤية القيادية.


من جانبه تناول معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير التجارة الخارجية في كلمته أهمية التحولات الجيوسياسية في تشكيل أولويات التصنيع والاستثمار المستقبلي، مؤكداً أن هذه القضايا لم تكن في السابق تحظى بالأهمية التي تشهدها اليوم.


وأوضح الزيودي أنه على الدول أن تنظر إلى ميزتها التنافسية في الاقتصاد العالمي، مشيراً إلى أن هذا ما سيمكنها من تحقيق نتائج مميزة، وهو ما تم تطويره في دولة الإمارات من خلال وكالات الاستثمار، حيث أصبحت الدولة وجهة جاذبة عالمياً، باستثمارات بقيمة 45.6 مليار دولار أمريكي، في 2024، أي ما يعادل 55.6% من إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الشرق الأوسط العام الماضي.


وأضاف وزير التجارة الخارجية أن الاستثمار في نظم المعلومات والاستثمار الأخضر شهد نمواً كبيراً خلال عام 2024، إلى جانب قطاعات أخرى مثل الطيران، والمالية، والتكنولوجيا، ولا سيما في مجالات الذكاء الاصطناعي وتقنيات البلوك تشين التي أوجدت فرصاً واسعة على الساحة العالمية، وهو ما يُؤكد لماذا تُعدّ الشارقة مكاناً مناسباً لمؤتمر الاستثمار العالمي التاسع والعشرين.


وأوضح الزيودي أن فرص الاستثمار لا تقتصر على إطلاق المشاريع فحسب، بل تشمل الدعم المستمر للمستثمرين من البداية حتى نهاية المشروع، وهو ما تعمل عليه الشارقة لتعزيز الثقة وجذب المزيد من الاستثمارات.


بدوره، رحّب الدكتور جيمس زان، رئيس المجلس التنفيذي لمؤتمر الاستثمار العالمي، بالحضور مؤكداً أن العالم يعيش لحظة تاريخية يشهد فيها تحولات جوهرية تتسم بالتقلب، مشيراً إلى أن التحديات قائمة، لكن الفرص غير محدودة، مع بروز نهج جديد يعزز الاستثمار المستدام.


وأوضح زان أن استثمارات المستقبل تختلف عن الحاضر، وتقوم على ثلاث مسارات هي: بناء المستقبل عبر الاقتصاد الأخضر والتقنيات المتقدمة، وتحويله من خلال الأتمتة والخدمات الذكية، فيما تتراجع الصناعات ذات القيمة المنخفضة غير القادرة على المنافسة في عصر الاستدامة.


وأضاف رئيس المجلس التنفيذي لمؤتمر الاستثمار العالمي، أن المستثمرين اليوم يبحثون عن المرونة والاستدامة والأمان أكثر من حجم السوق، داعياً الحكومات ووكالات ترويج الاستثمار إلى تطوير سياساتها بسرعة، واستهداف المشاريع المستدامة، وبناء منظومات بيئية جاذبة لرأس المال والمواهب.


وأشار إسماعيل إرشاهين، المدير والرئيس التنفيذي للرابطة العالمية لوكالات ترويج الاستثمار (وايبا)، إلى أن تنظيم مؤتمر الاستثمار العالمي 2025 في إمارة الشارقة يمثل شرفاً كبيراً وامتيازاً حقيقياً، مضيفاً // تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة إثبات مكانتها كمركز عالمي للابتكار والتعاون والاستثمار المستدام، ونحن فخورون بجمع منصتين رائدتين؛ وهما مؤتمر الاستثمار العالمي ومنتدى الشارقة للاستثمار، في حدث مشترك ورؤية موحدة؛ فمعاً نوحد الخبرات العالمية مع الريادة الوطنية والإقليمية، ونخلق مساحة تلتقي فيها الأفكار بالأفعال، ويقود فيها التعاون التغيير الإيجابي المنشود //.


وقدم الدكتور محمد العريان، كبير المستشارين الاقتصاديين في شركة "أليانز"، عرضاً مرئياً سلط فيه الضوء على ثلاث تحولات رئيسية في الاقتصاد العالمي لوضع رؤية واضحة للمستقبل، تتمثل في المرونة والابتكار والتغيرات في السياسات، مؤكداً أن الإمارات تمثل نموذجاً عالمياً فريداً، بفضل قدرتها على الجمع بين الثقافة والتمويل والسياحة، وفهمها العميق لسلاسل الإمداد.


وأشاد العريان بما تحقق في الشارقة من إنجازات مكّنتها من ترسيخ مكانتها عالمياً؛ مشيراً إلى أن الإمارات استطاعت توظيف الذكاء الاصطناعي عملياً لتعزيز النمو والتوازن والإبداع، وقال // لم أرَ دولة تقدمت في هذا المجال مثلها، بفضل رؤية قيادتها الرشيدة //.


وأوضح كبير المستشارين الاقتصاديين في شركة "أليانز"، أن الذكاء الاصطناعي أصبح قوة فاعلة تعيد تشكيل العالم، إلى جانب مفهوم الصمود الذي برز كدرس من جائحة كوفيد، مؤكداً أن المرونة أصبحت هدفاً استراتيجياً يتطلب خططاً بديلة لمواكبة تسارع التغيرات، لافتاً إلى أن النظام الاقتصادي العالمي يتجه نحو مزيد من التجزؤ وتعدد الأقطاب، حيث تسعى دول مثل الإمارات والبرازيل والسعودية وتركيا إلى تعزيز مكانتها ضمن نظام عالمي جديد يتسم بعدم اليقين.


وتفضل سمو نائب حاكم الشارقة بتكريم الشركاء والرعاة إلى جانب العارضين والجهات الداعمة لفعاليات منتدى الشارقة للاستثمار، مقدماً لهم سموه الدروع التذكارية وملتقطاً الصور الجماعية.


وتجوّل سموه في المنتدى والمعرض المصاحب له، مطلعاً سموه على أحدث المشاريع والمبادرات الاستثمارية التي تعرضها الجهات الحكومية والخاصة المشاركة من دولة الإمارات ومختلف دول العالم، والتي تسعى من خلالها إلى تعزيز بيئة الاستثمار المستدام، ودعم مسارات النمو الاقتصادي في المنطقة والعالم.


وينطلق المنتدى هذا العام تحت شعار "قيادة التحول العالمي: استثمار نحو مستقبل مرن ومستدام"، بمشاركة واسعة تضم أكثر من 10 آلاف مشارك من 142 دولة، وأكثر من 130 متحدثاً من الوزراء وصناع القرار وقادة المؤسسات العالمية، ضمن أكثر من 160 فعالية و120 اجتماع أعمال، لمناقشة التحولات الجيوسياسية والتكنولوجية والمناخية، ودور الاستثمار المستدام والتمويل الأخضر في تشكيل خريطة الاقتصاد العالمي خلال العقد المقبل.


ويواصل "منتدى الشارقة للاستثمار 2025" جلساته على مدار يومين، بمشاركة نخبة من القادة والخبراء العالميين الذين يبحثون الاتجاهات المستقبلية في مجالات الاستثمار الأخضر، والاقتصاد الرقمي، وسلاسل القيمة العالمية، وتمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة، وبناء الشراكات العابرة للحدود، تأكيداً على مكانة الشارقة وجهةً رائدة في صياغة مستقبل الاقتصاد المستدام.


حضر الافتتاح بجانب سموهما كل من: الشيخ خالد بن عصام القاسمي رئيس دائرة الطيران المدني، والشيخ فاهم بن سلطان القاسمي رئيس دائرة العلاقات الحكومية، والشيخ سعود بن سلطان بن محمد القاسمي مدير عام دائرة الشارقة الرقمية، والشيخ فيصل بن سعود القاسمي مدير هيئة مطار الشارقة الدولي، والشيخ سالم بن محمد بن سالم القاسمي مدير هيئة الإنماء التجاري والسياحي، ومعالي ثاني بن أحمد الزيودي وزير التجارة الخارجية، وعدد من كبار المسؤولين وممثلي الجهات المشاركة والمستثمرين.