أعاد مشروع "قصة جائزة" من دارة الدكتور سلطان القاسمي الذاكرة إلى يوم تقلد فيه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، "وسام جوقة الشرف برتبة قائد أعلى"، وهو أرفع تكريم وطني على مستوى الجمهورية الفرنسية، وجاءت قصة شهر فبراير في الدارة لتعكس مسيرة عمل طويلة لصالح المجتمعات من قائد يمتاز بالقوة والوقار والمجد والحكمة والسلام.
لقد شهد يوم 11 أبريل 2023، حدثاً نوعياً، عندما منح فخامة إيمانويل ماكرون رئيس الجمهورية الفرنسية لصاحب السمو حاكم الشارقة "وسام جوقة الشرف"، وقام بتسليمه، في قصر البديع بالشارقة، سعادة نيكولاس نيمتشيناو سفير جمهورية فرنسا لدى الدولة.
وشكر صاحب السمو حاكم الشارقة الرئيس الفرنسي لمنحه أعلى الأوسمة الوطنية كما شكر سعادة السفير الفرنسي على العناية بتلك الأمانة التي أوصلها إليه.
أرادت فرنسا منح سموه هذا الوسام الرفيع نظير إسهاماته العلمية والثقافية والأدبية ودعم العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والجمهورية الفرنسية في شتى المجالات "الإنسانية والتعليمية والثقافية والتاريخية والتعايش السلمي والبيئة والمناخ، وغيرها مما جعل فرنسا تفتخر بمنحه هذا الوسام الرفيع كأحد الشخصيات الرفيعة على مستوى العالم"، وفقاً لما صرح به السفير الفرنسي.
ويعتبر منح الوسام لصاحب السمو حاكم الشارقة إشادة بتميز شخصيته في القيادة والثقافة والصداقة العميقة والعمل العام المجتمعي وتعليم الشباب والثقافة والعلاقات الثنائية التعاونية المثمرة، فـ"وسام جوقة الشرف برتبة قائد أعلى" له أهمية كبيرة وتاريخ عميق في فرنسا، فقد بدأ منحه في العام 1802 فهو جوهرة رمزية، إذ يعد أعلى الأوسمة الوطنية في جمهورية فرنسا، ويتم منحه لشخصيات فرنسية أو أجنبية، وذلك تقديراً لجهودها في تعزيز علاقات التعاون في مختلف المجالات بين الجمهورية الفرنسية والدول الصديقة.
ويرمز الوسام إلى الجدارة والتميز والقيم الأصيلة، كما يأتي تصميم شارته على شكل نجمة خماسية، محاطة بأوراق البلوط والغار وهما يرمزان إلى القوة والوقار والمجد والحكمة والسلام.
وصرح السفير الفرنسي بأن "رمز الشعار يعكس صفات تميز بها صاحب السمو حاكم الشارقة مثنياً على جهود سموه في إمارة الشارقة في مجال الفنون والثقافة، حيث ازدهرت المشاريع الثقافية والفنية والتعليمية بجميع أنواعها في الإمارة، ما جعلها مرجعاً حقيقياً في المنطقة والعالم في هذه المجالات، ومكاناً فريداً لتنظيم العديد من الفعاليات والأنشطة الثقافية العالمية التي تشرف عليها مؤسسات متخصصة".
وأشار السفير نيكولاس نيمتشيناو إلى بينالي الشارقة، ومعرض الشارقة الدولي للكتاب، والجامعات المرموقة، لافتاً إلى أن الاستثمار الحقيقي في الشارقة هو تعليم وتدريب الشباب، والعلم والمعرفة، إلى جانب إسهام سموه الشخصي في الكتابة والنشر، والمخطوطات التاريخية المهمة، وفي علوم الجغرافيا.
ويهتم حاكم الشارقة بجمع كل ما كتب عن التاريخ الثقافي للجمهورية الفرنسية، مستعيناً بعناوين الكتب في المجمع العلمي المصري في القاهرة، وتمكن من اقتناء ما يقارب 8 آلاف عنوان، وقرر أن يقيم في الشارقة معهداً علمياً لتلك الكتب أسوة بالمعهد الفرنسي وكذلك المعهد المصري، ولكن عندما احترق المجمع المصري في ديسمبر 2011، أعاد سموه بناء المجمع وقدم كل ما اقتناه من كتب (أي ما يقارب 8 آلاف عنوان).
وفي كلمة سموه أمام السفير الفرنسي، قال: "وضعت وديعة مالية للمعهد المصري لتحفظه من العوز، وعاودت أجمع كل ما قدمته للمجمع المصري مرة ثانية، حيث أن تلك الكتب الفرنسية نادرة الوجود ولكنني سأنتهي من جمعها قريباً، وقد باشرت ببناء معهد الشارقة وكذلك بدأت بكتابة تاريخ فرنسا الثقافي والمكون من أربعة فصول".
وأضاف سموه "أن الفصل الأول يتناول: "قرن الأنوار"، في ذلك القرن الثامن عشر تطور المجتمع الفرنسي في مختلف الميادين، الفكري والعلمي والاقتصادي والسياسي، أما الفصل الثاني "قرن الأنوار لا زال نوره يضيء" كان ذلك في القرن التاسع عشر حيث ظهر المثقفون كقوة جماعية، وأضاف "الفصل الثالث "العهد الجميل"، وكان في القرن العشرين، ومن أراد أن يعرف ما في العهد الجميل فليدخل إلى الشارقة، حيث بها الجامعات والمسارح والمتاحف والمكتبات ... إلخ، والفصل الرابع "قضايا جدلية بين العولمة والاستثناء الثقافي"، أبيّن فيه كل ما دار حول العولمة، ونظرية الصدام بين الثقافات والحضارات كمنطق للدفاع عن العولمة، لكن فرنسا أخذت تدافع بقوة عن مبدأ الاستثناء الثقافي، حيث كانت على رأس الاتحاد الأوروبي وقد نجحت في ذلك وسأقوم بنشر هذا الكتاب لتعريف جميع العرب بالثقافة الفرنسية".
وتعتزم الجمهورية الفرنسية التعاون مع إمارة الشارقة في عدد من المشروعات لتعزيز الثقافة الفرنسية عبر افتتاح المراكز الثقافية، والتعاون في المجالات التعليمية، إلى جانب تعزيز التعاون والعلاقات في مجالات السينما والمهرجانات الفنية، والزيارات التبادلية للفنانين والمخرجين والعاملين في التراث، والمشاركات في معرض الكتاب، والتعاون مع المؤسسات الفنية، وتنظيم المعارض المشتركة والمؤتمرات العلمية مع الجامعات، والتبادل الاقتصادي المثمر، بالإضافة إلى التعاون في مجالات الطاقة وإدارة النفايات والمياه والنقل والحفاظ على البيئة ومستقبل كوكب الأرض.
وقد أصبحت إمارة الشارقة، بالرؤية الحكيمة والاستشرافية لصاحب السمو حاكم الشارقة، بيئة خصبة ومثمرة للمشاريع الثقافية والفنية والتراثية، وتفتح ذراعيها لكل تعاون يخدم الإنسانية ويعزز قيم التآخي والتسامح، لذلك عُرف سموه في الأوساط السياسية والثقافية الدولية بأنه رجل الحكمة والسلام وصاحب مشاريع ثقافية تولي الإنسان الصدارة في الاهتمام.